Friday, October 31, 2014

كيمياء العاطفة والفيزياء العقلية ( الجزء الاول)

حسناً، دعوني ابوح لكم بادِئَ ذِي بدْءٍ ان ما أروم الحديث عنه تحت هذا العنوان يعبر بشكل أو بآخر عن مسألة قديمة طالما راودت بُنيات افكاري كومضات هاربة عجزت عن اصطيادها واحتجازها ودون أن تسعفني قدرتي المحدودة على الاسترجاع والتصوير التعبيري  وتطويع المفردات اللغوية للخروج  بترجمة  حرفية  لما يدور في ذهني المشوش  بالهواجس  المتصادمة من مبهم الافكار المتلاشية كقطرات الندى المنسابة على اوراق شجيرة وحيدة في مهب الريح ، غير أني وغير آبه  بما تستدعيه الحالة من مقتضيات استجلاب التفكير واستخلاص الفكره  قررت أن ابدأ بتدوين هذا المفقود المتبعثر هنا وهناك وعلى  النسق الذي يوصل الحد الادني مما اريد قوله  وبكل ما يستلزمه الأمر من استحضار جبري  وعصف ذهني وقمع  لاي استفاضة خارج السياق  تخلق تشعباً وتشابكاً في المسألة وفناجين قهوة متتابعة وحظر تام لاي همسة ممن حولي  فأنا بحاجة لانفصال تام عن اعباء الحياة  من اجل رحلة بحث عن طرف الخيط الذي يدلني عى البداية الصحيحه وكما ينبغي لاي طرح ان يبدأ،  وحيث أنني لا استطيع أن ابني موضوعاً حقيقياً بلا افكار  فلا يمكن للبيوت أن تبنى بلا طين عمدت الى تشييد افخاخ فكرية هنا وهناك على امتداد خطوط تركيزي لتعزيزي فرصتي بامساك احداها فيما لو داهمتني على حين غرة قكرة ما من هذا القبيل مستعيناً بدفتر صغير يرافقني اينما حللت وارتحلت  ومسجل صوتي احتوته تطبيقات هاتفي الجوال المتخلف عن ركب مسيرة اقرانه الذكية ! وبالفعل واعتماداً على تلك الوسائل بدأت تسجيل  القصة لحظة بلحظة  بتروي وصبر والتي  بدا انها لن تنتهي لو اطلقت العنان للاسترسال والتشعب .

يقول اسحاق نيوتن في قانونه  الاول أن  الجسم يظل على حالته الحركية (إما السكون التام أو الحركة في خط مستقيم بسرعة ثابتة) ما لم تؤثر عليه قوة تغيره من هذه الحالة." وبأسقاط  هذه الملاحظة الفيزيائية على ظاهرة سايكولوجية بحته كالعاطفة  فأنه  يمكننا الخروج بنتيجة مهمة  تمكننا من تبسيط وتفسير الكيفية  التي تعمل من خلالها منظومة المشاعر المتصلة بالعاطفة كقوة متدخلة ومؤثرة ، وحيث أن اي فرد في هذا المجتمع وعلى الاغلب يضع في اعتباره عدة قواعد عقلية تشكلت بالتراكم المعرفي والتجريب ومما سمع ورأى وقرأ حفزت لديه سمة التحفظ والحذر في مسيرة  حياته المتسمة بالروتين والنمطية و ندرة وجود تلك المنعطفات التي تخلق انتقالة ما من واقع الى واقع مالم يتدخل القدر بقوة وعنف احياناً ، فتبدو مسيرة الانسان ونمط معيشته حركة شبه مستقيمة باتجاه واحد  على خط افقي قليل التعرج بوتيرة ثابته دون توقف او تزايد او تناقص في السرعة حتى  تلك اللحضة التي تأتي فيها اشياء لا سلطان للحذر والتحفظ عليها اشياء تدخل كقوة مؤثرة تدفع الانسان للخروج عن السكة المرصوفى الى مسارات اكثر مرونة وحرية  كقوة العاطفة  فقد كانت العاطفة قادرة دائماً وبشكل ما على تغيير مسار الدفه والمضي في سبيل آخر وخلق الدوافع والمنطلقات المحفزة  ،  والتفسير  العاطفة  اعتماداً على تفسير  فيزيائي لحركة فيزيائية مجرة من اي اعتبارات سايكولوجيه هو تفسير  معقول طالما اننا نقارن هيئة بهيئة  تشتراكان  بالشكل والاثر ويمكن اسقاطهما على بعظهما تبادلياً ، فنيوتن يتحدث عن قوة  تغير من  الوضعية الفيزيائية لجسم متحرك او ثابت  أما تدفعه للتوقف او الاستمرار في الحركة او التحرك على نحو اسرع وكذلك قوة العطف التي
تدفع القلب  لوظائف اضافية أخرى خارج اطار الفيسيولوجيا ، ليصبح وحدة رقابة وتنقيح نهائي   لكل ما يصدره العقل  من قرارات ونوايا ! لكن عن اي عاطفة نتحدث ؟   هل هي الرومانسية الدراجة في ثقافة اليوم  من حب وغرام وهيام يحيط بأنثى جميلة جذابة ام انها عاطفة اشمل واكبر  وأسمى !  ولعلها تلك  العاطفة  التي  وصفها الشاعر القدير المحترم علي الهويريني  بعاطفة (يابن أم) في اشارة  لرجاء هارون لموسى بحق الاخوة في سورة طه الاية (94) ، انا اتحدث عن  تلك العاطفة  التي  تدفعنا للشعور بكل ما يمكن أن يشعر به الآخر من الالام ، العاطفية  في ذهني  هي  ما دفع جان فالجان  لتبني الطفلة كوزيت في رائعة فيكتور هيجو ( البؤساء)  انها تلك القوة العجيبة  التي تسري  في العروق تخلق قابلية بعد تمنع  وامكانية  بعد استحالة ومرونة  بعد جمود صنمي طويل ،  أنه ذاك الشيء  المحفوف بالاسرار والمحاط بالحكايا .
من جهة أخرى هل يجب أن تكون العقلانية النقيض المفترض للعاطفية !! وهل العقلانية  قمع وتحييد للعواطف ؟! برأيي أن العقلانية المجردة من اعتبار عاطفي قسوة تصل حد الاجرام وأن العاطفية  المجردة من من المنطق  هوس وتهور  يعاب على صاحبه وينتزع من الاهلية والقدرة تحمل مسؤولية بسيطة حيث أنه  وكما تعلمون احياناً تمزج المتناقضات لنحصل  شيء متجانس وضروري ، فالماء  عنصر الحياة  وظمانها  يتكون  الاكسجين(H2O)  والنيتروجين  (N)   النيتروجين مادة مشتعلة والاكسجين  مادة مساعدة على الاشتعال لو انفصلا عن بعضهما  لحرق عنصر الحياة كل ما على هذه الحياه  لكنهما وجدا في اطار  متماهي متمازج  ليهب الماء حياة كل ما على هذا الكوكب من كائنات حية  والعاطفية  والعقلانية كل واحد متمازج ومتناهي لان الاستماع  لصوت القلب ونداء الضمير  فكة العقلية  والمنطقية  والالتزام  بالاطر العقلية الحقيقية والحكيمة  ليست تلك المترددة والجبانة او  المحددة بمحددات اجتماعية ( ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق) هي عقلية منسجمة مع العاطفة طاردة لاعتبارات (هذا ما وجدنا عليه آباءنا ).


- يتبع -

ليس من المفترض ان يكون هناك صراع  بين العقل والقلب